فصل: الحقوق الزوجية:

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: فقه السنة



.فيمن تعتبر؟

والكفاءة في الزواج معتبرة في الزوج دون الزوجة.
أي أن الرجل هو الذي يشترط فيه أن يكون كفئا للمرأة ومماثلا لها، ولا يشترط أن تكون المرأة كفئا للرجل.
ودليل ذلك:
أولا: أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من كانت عنده جارية، فعلمها وأحسن تعليمها، وأحسن إليها ثم أعتقها وتزوجها فله أجران» رواه البخاري ومسلم.
ثانيا: أن النبي صلى الله عليه وسلم لا مكافئ له في منزلته، وقد تزوج من أحياء العرب، وتزوج من صفية بنت حيي وكانت يهودية وأسلمت.
ثالثا: أن الزوجة الرفيعة المنزلة، هي التي تعير هي وأولياؤها عادة، إذا تزوجت من غير الكف ء.
أما الزوج الشريف فلا يعير إذا كانت زوجته خسيسة ودونه منزلة.
الكفاءة حق للمرأة والأولياء:
يرى جمهور الفقهاء أن الكفاءة حق للمرأة والأولياء، فلا يجوز للولي أن يزوج المرأة من غير كفء إلا برضاها ورضا سائر الأولياء.
لان تزويجها بغير الكفء فيه إلحاق عار بها وبهم، فلم يجز من غير رضاهم جميعا.
فإذا رضيت، ورضي أولياؤها جاز تزويجها لأن المنع لحقهم، فإذا رضوا زال المنع.
وقال الشافعية: هي لمن له الولاية في الحال.
وقال أحمد - في رواية: هي حق لجميع الأولياء: قريبهم وبعيدهم.
فمن لم يرض منهم فله الفسخ.
وفي رواية عن أحمد: أنها حق الله، فلو رضي الأولياء والزوجة بإسقاط الكفاءة لا يصح رضاهم، ولكن هذه الرواية مبنية على أن الكفاءة في الدين لا غير، كما جاء في إحدى الروايات عنه.
وقت اعتبارها: وإنما يعتبر وجود الكفاءة عند إنشاء العقد، فإذا تخلف وصف من أوصافها بعد العقد فإن ذلك لا يضر، ولا يغير من الواقع شيئا، ولا يؤثر في عقد الزواج، لأن شروط الزواج إنما تعتبر عند العقد.
فإن كان عند الزواج صاحب حرفة شريفة، أو كان قادرا على الانفاق، أو كان صالحا.
ثم تغيرت الظروف فاحترف مهنة دنيئة، أو عجز عن الانفاق أو فسق عن أمر ربه بعد الزواج.
فإن العقد باق على ما هو عليه...فإن الدهر قلب، والإنسان لا يدوم على حال واحدة.
وعلى المرأة أن تقبل الواقع، وتصبر وتتقي، فإن ذلك من عزم الأمور.

.الحقوق الزوجية:

إذا وقع العقد صحيحا نافذا ترتبت عليه آثاره، ووجبت بمقتضاه الحقوق الزوجية.
وهذه الحقوق ثلاثة أقسام:
1- منها حقوق واجبة للزوجة على زوجها.
2- ومنها حقوق واجبة للزوج على زوجته.
3- ومنها حقوق مشتركة بينهما.
وقيام كل من الزوجين بواجبه، والاضطلاع بمسؤولياته هو الذي يوفر أسباب الاطمئنان والهدوء النفسي، وبذلك تتم السعادة الزوجية.
وفيما يلي تفصيل وبيان بعض هذه الحقوق:

.الحقوق المشتركة بين الزوجين:

والحقوق المشتركة بين الزوجين هي:
1- حل العشرة الزوجية واستمتاع كل من الزوجين بالاخر.
وهذا الحل مشترك بينهما، فيحل للزوج من زوجته ما يحل لها منه..وهذا الاستمتاع حق للزوجين، ولا يحصل إلا بمشاركتهما معا، لأنه لا يمكن أن ينفرد به أحدهما.
2- حرمة المصاهرة: أي أن الزوجة تحرم على آباء الزوج، وأجداده، وأبنائه، وفروع أبنائه وبناته.
كما يحرم هو على أمهاتها، وبناتها، وفروع أبنائها وبناتها.
3- ثبوت التوارث بينهما بمجرد إتمام العقد.
فإذا مات أحدهما بعد إتمام العقد ورثه الاخر ولو لم يتم الدخول.
4- ثبوت نسب الولد من الزوج صاحب الفراش.
5- المعاشرة بالمعروف: فيجب على كل من الزوجين أن يعاشر الاخر بالمعروف حتى يسودهما الوئام، ويظلهما السلام.
قال الله تعالى: «وعاشروهن بالمعروف».

.الحقوق الواجبة للزوجة على زوجها:

الحقوق الواجبة للزوجة على زوجها منها:
1- حقوق مالية: وهي المهر، والنفقة.
2- وحقوق غير مالية: مثل العدل بين الزوجات إذا كان الزوج متزوجا بأكثر من واحدة، ومثل عدم الاضرار بالزوجة.
ونذكر تفصيل ذلك فيما يلي من صفحات:

.المهر:

من حسن رعاية الإسلام للمرأة واحترامه لها، أن أعطاها حقها في التملك، إذ كانت في الجاهلية مهضومة الحق مهيضة الجناح، حتى أن وليها كان يتصرف في خالص مالها، لا يدع لها فرصة التملك، ولا يمكنها من التصرف.
فكان أن رفع الإسلام عنها هذا الاصر، وفرض لها المهر، وجعله حقا على الرجل لها، وليس لابيها، ولا لاقرب الناس إليها أن يأخذ شيئا منها إلا في حال الرضا والاختيار قال الله تعالى: {وآتوا النساء صدقاتهن نحلة فإن طبن لكم عن شيء منه نفسا فكلوه هنيئا مريئا}.
: وآتوا النساء مهورهن عطاء مفروضا لا يقابله عوض، فإن أعطين شيئا من المهر بعد ما ملكن من غير إكراه ولا حياء ولا خديعة، فخذوه سائغا، لا غصة فيه، ولا إثم معه.
فإذا أعطت الزوجة شيئا من مالها حياء، أو خوفا، أو خديعة، فلا يحل أخذه.
قال تعالى: {وإن أردتم استبدال زوج مكان زوج وآتيتم إحداهن قنطارا فلا تأخذوا منه شيئا أتأخذونه بهتانا وإثما مبينا وكيف تأخذونه وقد أفضى بعضكم إلى بعض وأخذن منكم ميثاقا غليظا}.
وهذا المهر المفروض للمرأة، كما أنه يحقق هذا المعنى.
فهو يطيب نفس المرأة ويرضيها بقوامة الرجل عليها.
قال تعالى: {الرجال قوامون على النساء بما فضل الله بعضهم على بعض وبما أنفقوا من أموالهم} مع ما يضاف إلى ذلك من توثيق الصلات، وإيجاد أسباب المودة والرحمة.

.قدر المهر:

لم تجعل الشريعة حدا لقلته، ولا لكثرته، إذ الناس يختلفون في الغنى والفقر، ويتفاوتون في السعة والضيق، ولكل جهة عاداتها وتقاليدها، فتركت التحديد ليعطي كل واحد على قدر طاقته، وحسب حالته، وعادات عشيرته، وكل النصوص جاءت تشير إلى أن المهر لا يشترط فيه إلا أن يكون شيئا له قيمة، بقطع النظر عن القلة والكثرة، فيجوز أن يكون خاتما من حديد، أو قدحا من تمر أو تعليما لكتاب الله، وما شابه ذلك، إذا تراضى عليه المتعاقدان.
1- فعن عامر بن ربيعة أن امرأة من بني فزارة تزوجت على نعلين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرضيت عن نفسك ومالك بنعلين؟ فقالت: نعم. فأجازه» رواه أحمد، وابن ماجه، والترمذي، وصححه.
2- وعن سهل بن سعد أن النبي صلى الله عليه وسلم جاءته امرأة فقالت: يارسول الله إني وهبت نفسي لك، فقامت قياما طويلا، فقام رجل، فقال: يارسول الله زوجنيها إن لم يكن لك بها حاجة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل عندك من شيء تصدقها إياه؟ فقال: ما عندي إلا إزاري هذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن أعطيتها إزارك جلست لا إزار لك، فالتمس شيئا، فقال: ما أجد شيئا، فقال: التمس ولو خاتما من حديد، فالتمس فلم يجد شيئا، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: هل معك من القرآن شئ؟ قال: نعم، سورة كذا، وسورة كذا، لسور يسميها، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: قد زوجتكها بما معك من القرآن رواه البخاري ومسلم.
وقد جاء في بعض الروايات الصحيحة: «علمها من القرآن».
وفي رواية أبي هريرة: أنه قدر ذلك بعشرين آية.
3- وعن أنس: أن أبا طلحة خطب أم سليم، فقالت: «والله ما مثلك يرد، ولكنك كافر وأنا مسلمة، ولا يحل لي أن أتزوجك، فإن تسلم فذلك مهري، ولا أسألك غيره فكان ذلك مهرها».
فدلت هذه الأحاديث على جواز جعل المهر شيئا قليلا، وعلى جواز جعل المنفعة مهرا وأن تعلم القرآن من المنفعة.
وقد قدر الأحناف أقل المهر بعشرة دراهم، كما قدره المالكية بثلاثة.
وهذا التقدير لا يستند إلى دليل يعول عليه، ولا حجة يعتد بها.
قال الحافظ: وقد وردت أحاديث في أقل الصداق لا يثبت منها شئ، وقال ابن القيم - تعليقا على ما تقدم من الأحاديث - وهذا هو الذي اختارته أم سليم من انتفاعها بإسلام أبي طلحة وبذل نفسها له إن أسلم.
وهذا أحب إليها من المال الذي يبذله الزوج، فإن الصداق شرع في الاصل حقا للمرأة تنتفع به، فإذا رضيت بالعلم والدين، وإسلام الزوج، وقراءته القرآن - كان هذا من أفضل المهور، وأنفعها، وأجلها.
فما خلا العقد عن مهر وأين الحكم بتقدير المهر بثلاثة دراهم، أو عشرة من النص، والقياس، إلى الحكم بصحة كون المهر ما ذكرنا نصا وقياسا.
وليس هذا مستويا بين هذه المرأة وبين الموهوبة التي وهبت نفسها للنبي صلى الله عليه وسلم، وهي خالصة له من دون المؤمنين، فإن تلك وهبت نفسها هبة مجردة من ولي وصداق، بخلاف ما نحن فيه فإنه نكاح بولي وصداق، وإن كان غير مالي.
فإن المرأة جعلته عوضا عن المال، لما يرجع إليها من منفعة.
ولم تهب نفسها للزوج هبة مجردة، كهبة شيء من مالها بخلاف الموهوبة التي خص الله بها رسوله صلى الله عليه وسلم.
هذا مقتضى هذه الأحاديث.
وقد خالف في بعضه من قال: لا يكون الصداق إلا مالا، ولا يكون منافع أخر، ولا علمه ولا تعليمه صداقا كقول أبي حنيفة، وأحمد رحمهما الله في رواية عنه.
ومن قال: لا يكون أقل من ثلاثة دراهم كمالك رحمه الله وعشرة دراهم كأبي حنيفة رحمه الله.
وفيه أقوال أخرى شاذة لا دليل عليها من كتاب ولا سنة، ولا إجماع، ولا قياس، ولا قول صاحب.
ومن ادعى في هذه الأحاديث التي ذكرناها، اختصاصها بالنبي صلى الله عليه وسلم وأنها منسوخة، أو أن عمل أهل المدينة على خلافها فدعوى لا يقوم عليها دليل. والاصل بردها.
وقد زوج سيد أهل المدينة من التابعين - سعيد بن المسيب - ابنته على درهمين ولم ينكر عليه أحد، بل عد ذلك من مناقبه وفضائله.
وقد تزوج عبد الرحمن بن عوف على صداق خمسة دراهم وأقره النبي صلى الله عليه وسلم ولا سبيل إلى إثبات المقادير إلا من جهة صاحب الشرع.
أما من حيث الكثرة، فإنه لا حد لاكثر المهر.
فعن عمر رضي الله عنه: أنه نهى وهو على المنبر، أن يزاد في الصداق على أربعمائة درهم.
ثم نزل، فاعترضته امرأة من قريش، فقالت: أما سمعت الله يقول: {وآتيتم إحداهن قنطارا}!.
فقال: اللهم عفوا، كل الناس أفقه من عمر، ثم رجع، فركب المنبر، فقال: «إني كنت قد نهيتكم أن تزيدوا في صدقاتهن على أربعمائة درهم، فمن شاء أن يعطي من ماله ما أحب» رواه سعيد بن منصور، وأبو يعلى بسند جيد.
وعن عبد الله بن مصعب أن عمر قال: «لا تزيدوا في مهور النساء على أربعين أوقية من فضة، فمن زاد أوقية جعلت الزيادة في بيت المال» فقالت امرأة: ما ذاك لك.
قال: ولم؟.
فقالت: لأن الله تعالى يقول: و{آتيتم إحداهن قنطارا}.
فقال عمر: امرأة أصابت، ورجل أخطأ.